ادارة المعلومات
صهاريج عدن..أجمل الأعمال الهندسية في العالم

عدن – تقرير .. محمد النجار
نفتخر نحن العدنيٌون والجنوبون ببناء أجمل الأعمال الهندسية في العالم، فلا تكاد تذكر مدينة كريتر إلا ويٌذكر معها صهاريج عدن كتحفة هندسية ومعلم سياحي ظل لآلآلف السنوات يٌذكرنا بتاريخ أجدادنا المهندسين العظماء الذين استطاعوا إذهال العالم ببناء هذه الخزانات الظخمه لقهر المياه وحفظ المدينة من الكوارث التي تخلفها سيول الأمطار القادمة من أعلى هضبة جبل شمسان الأشم.
على مضيق جبلي يبلغ طوله 228 متراً شيدت صهاريج عدن الواقعة في وادي الطويلة أسفل جبل شمسان بمدينة كريتر في فترات زمنية متباعدة كان أولها قبل ثلاثة الآلاف وخمس مئة عام، قيل أن عددها فاق الخمسين صهريج، بقيت منها ثمانية عشر صهريج حتى كتابة هذه الكلمات، تقوم الصهاريج المتبقية بحفظ خمسة وسبعون مليون لتر من المياه، بينما بقيت الصهاريج ، ثم تخريبها للأسف أو طمرت تحت الأرض ولم يتم رفع غبار الزمن عنها حتى يومنا هذا.
عند سماعك لقصة بناء صهاريج عدن فستجد أن هناك حضارة حقيقية كانت تسكن مدينة كريتر، ، فقد أستشعر من سكنها في تلك الفترة الزمنية الغابرة بخطر تدفق سيول الأمطار الساقطة من أعلى هضبة جبل شمسان إلى مباني، وأحياء المدينة ، والتي تخلف أضرار بالغة في الأرواح والممتلكات، فكما يٌقال “الحاجة أم الاختراع” جاءت فكرة تشييد صهاريج عدن لتخفيف حدة إندفاع سيول الأمطار الموسمية على المدينة.
عمد مهندسو مدينة كريتر على دراسة المنطقة جيداً، وأقاموا الحواجز المائية أعلى الهضبة للتحكم في كمية تدفق سيول الأمطار ، والتي تسمى اليوم “السبعة الدروع”، بينما شيدوا الصهاريج بين منحدرات جبل شمسان وأسفله، بغرض حفظ مياه الأمطار ، ومنعها من تذمير المدينة ، بل والأستفادة منها في الري والشرب عبر نظام تصريف معقد ظلت الغازه الهندسية عصية عن الفهم رغم تطور علوم الهندسة في زماننا هذا.
ترتبط الصهاريج ببعضها البعض، فما أن يمتلئ الصهريج الأول حتى تتدفق مياه الأمطار منه عبر قنوات مائية لتعبئة الصهريج الآخر، وهكذا حتى يتم تعبئة جميع الصهاريج بينما يتم تصريف الفائض من أمطار السيول إلى البحر عبر ممر يٌسمى السائلة يبلغ طوله من آخر صهريج المُسمى الفارسي إلى البحر ٱلاف المترات تقريباً.
تجول في خاطر كل من يشاهد صهاريج عدن اسئلة عن سر صمودها لآلآف السنوات متحديه عوامل الزمن المختلفة، فملايين الأحجار الشمسانية المترابطة فيما بينها ، والتي يشد بعضها بعضاً تزيدها تماسكاً ، وقوة، يتخللها ويكسوها خلطة البوميس البيضاء الممزوجة بمواد أخرى كانت تستخدم في البناء قديماً ، والتي تتميز بأزدياد صلابتها عند تعرضها للمياه، لتلك الخلطة التي لم يكشف عن أسرار مكوناتها بعد، دور في حفظ وجمال هذا الكنز الأثري لقرون خلت.
تعتبر الصهاريج وجهه سياحية يقصدها الآلاف سنوياً من سكان العاصمة عدن والمحافظات الأخرى، كذلك السياح العرب والأجانب تعتبر الصهاريج وجهتمهم عند زيارتهم للمدينة، إلا أن حركة الزوار قلت بشكل كبير في السنوات الماضية حسب ماروى لنا ذلك العم يحي علي والذي يستغل وجود الزوار في الصهاريج لبيع الحلي و المصنوعات اليدوية والعملات المعدنية منذ سبعة وعشرون عام، يكمل العم يحي حديثه معنا وعيناه تملأها الحزن شاكياً لنا ما وصلت لها الصهاريج من عدم الاهتمام بها ، وغياب النظافة عنها.
تعاني صهاريج عدن ولاتزال من تهديد حقيقي يمس بقائها، ليس بسبب الإهمال الحكومي وحده، بل بسبب البناء فيها، فقد غزاها البناء العشوائي وبدأ ينهش فيها، حتى أن بعضها غابت ملامحه والبعض الآخر مهدد بالإندثار رغم الدور الهام الذي تلعبه هذه الصهاريج في حفظ المدينة وأبنائها، كما أن متحفها وغرفة الإرصاد الجوي لازالتان مغلقتان منذ حرب عام الفان وخمسة عشر، شاب المشهد صمت مريب طيلة تلك السنوات، وظل الجميع ينظر إلى هذا الثرات التاريخي وهو يندثر واحداً تلو الآخر في ظل عدم وجود إرادة حقيقية لدى الجهات الحكومية لإنتشاله من وضعه الراهن إلى بر الأمان.
تري من سينهض لحماية وترميم وتنظيف هذا المعلم الاثري الظارب جذوره في إكمال وجذور التاريخ؟؟!!
ومتى ستستفيق مؤسسات الدولة للنهوض بمهامها لحماية هذا الأثر التاريخي والهندسي الفريد ؟؟!!
أسئلة تبحث عن إجابات وافعالا صادق وجادة وناجعة….