
مضى في هدوء الكبار، دون أن يُذم، وبقي ذكره حيًا، يزين القوافي بين راثٍ ومادح. فما أشد وقع الفقد حين يغيب عنا علمٌ من أعلام الجيولوجيا، ممن أفنوا أعمارهم في خدمة العلم والمعرفة، وتركوا بصماتٍ لا تزول في مسيرة البحث والتعليم الجيولوجي.
يمثل رحيل علماء الجيولوجيا في اليمن خسارة لا تعوّض. فغيابهم لا يعني فقط فقدان أشخاص، بل يعني فقدان عقولٍ نادرة، وتجارب ثرية، ومراجع حية كانت تضيء درب الأجيال. فمنذ سنوات قليلة، ودّعنا أحد رواد المساحة الجيولوجية في اليمن، المهندس إسماعيل عبدالعزيز، الذي كان لفقدانه وقع بالغ في نفوس كل من عرفه.
واليوم، وفي يوم الخميس، الأول من محرم لعام 1447هـ، يفجع الوسط العلمي مرة أخرى برحيل قامة علمية كبيرة، الأستاذ الدكتور عبده شرف، أحد أبرز رموز الجيولوجيا في اليمن، الذي مثّل نموذجًا في الإخلاص والتفاني، وسجّل حضوره العلمي والمعرفي بعطاء ممتد وآثار لا تُنسى.
كثيرًا ما يأتيني السؤال من الأصدقاء والزملاء لماذا لم تُستكمل كتابة كتاب “أعلام الجيولوجيا في اليمن”؟ ذاك العمل الذي بدأناه قبل سنوات بشغف ومحبة مع أستاذنا الكبير، أبو الجيولوجيين اليمنيين، البروفسور صلاح الخرباش، بهدف توثيق سِيَر رموز العمل الجيولوجي في وطننا، أولئك الذين اقترنت أسماؤهم بما بذلوه من عطاء علمي وتعليمي، وما ساهموا به من اكتشافات وتنمية وطنية، مستندين في ذلك إلى إرثٍ علمي عميق، رسّخه علم الجيولوجيا بكل أبعاده وتشعباته.
والحقيقة ان ذكرياتي عنهم كثيرة ونابعة من الممارسة الدراسية والعملية والمهنية ولكنها كانت ولازالت تحتاج الى تحقق من خلال جمع معلومات أكثر والأتصال بزملاء جيولوجين مع تفتيش داخل شبكة المعلومات ليكون الموضوع قد أستوفى مكانته ولنعطي الموضوع أهميته بكل أبعاده، بالأمس القريب كنت جالساً أشرب الشاهي في مقهى الشجرة مع صديق نتكلم عن فقدان واحد من أهم علماء الجيولوجيا في المسح الجيولوجي إنه المهندس إسماعيل عبدالعزيز له بصمات مهمة في مجال الصخور الصناعية والإنشائية في اليمن وجنحت بنا الذاكرة لنسترجع شذرات من ما تعلمناه من دراستنا الجامعية وكيف كان علم الجيولوجيا مفيد في تنمية بلدنا، وبدأ التساؤل يثار مرة أخرى عن سبب عدم إستكمال إستخراج كتاب أعلام جيولوجية اليمن عن رموز من درسونا ورموز الطلبة الذين أصبح لهم شأنا في تنمية مصادر الطبيعة في اليمن ، يامن تراثهم واضح وحكاية التفوق في بلاط البناء ظاهرة بمكانتهم ، كما تحدثنا عن رموز العمل الجيولوجي في القطاع المعدني والمائي والنفطي والتعليمي، الذين خدموا مجتمعنا خدمة سامية ، وأدوا رسالتهم على افضل وجه ممكن، وهم جميعا من ابناء اليمن الذي انجب على امتداد تاريخه الالاف المؤلفة من الادباء والعلماء والفقهاء والدارسين والشعراء والمؤرخين والنحويين وعلماء الدين .. اتمنى ان تكون تراجم وذكريات هؤلاء الرجال الذين نتحدّث عنهم اليوم وهم من رجالات القرن العشرين نبراسا لأبناء جيل قادم يواصل الحياة وينشئ ويبدع ويقدم ثمار اتعابه الى مجتمعه بأمانة واخلاص .. ، ورجعنا نستعرض الذكريات والخواطر الأيجابية متناسين أشوك الورد، فالذكريات هي بذور الماضي التي يمكن أن تزهر في الحاضر، كما يمكن أن تثمر في المستقبل، وإذا أردنا أن نعيش في حيوية مفعمة بسلام النفس، فلنر الجوانب الإيجابية من الذكريات، ولننس أشواك الورد، لا تزال هناك مساحة كافية لنكتب عن رجال كبار عملنا معاهم في الميدان .. أحببناهم تعلمونا منهم، فكانوا بحق منارات تضيء الدروب وكل الطرق والمسالك، هم النجوم اللامعة، كانوا فرسان ميدان (لحقل الجيولوجيا) فهل لا زلنا نتذكرهم، إن كنا نريد للوفاء فلا بد أن نسجل حضورهم اللافت في التنمية والتعليم، مرت حياتنا بالعديد من الشخصيات التى اثروا مجتمعنا ومنحوا له الكثير والكثير عبر حقبات زمنية متعددة ، ومنحوة اكثر فى مجالات متعددة وهنا نسلط الضوء على شخصيات اعطت وشخصيات اخذت وشخصيات غيرت مجرى التأريخ.
