المكتبة الالكترونية
أخر الأخبار

إستكشاف أجمل مغارة بحضرموت 

الباحث سالم بجود باراس 

 

هي من أجمل المغارات التي خططت لها لاكتشافها ، وفي ١٨ فبراير ٢٠٢٥م جاءت الفرصة للتحرك ، كانت أزمة الغلاء المعيشي ، وزيادة أسعار المحروقات تشكل أكبر عائق لنا ، فقررت رغم شحة الامكانيات والراتب المتدني ، أن أجهز كل شئ على حسابي الخاص ، وبالفعل تحركنا صباح يوم الثلاثاء ، بسيارة الأخ أبوبكر سالم بلعجر ، والأخ محمد البيض ، والدليل أحمد بايمين ، وصلنا قرية صغيرة تسمى سوهب وتوجد أسفلها وادي سوهب ركنا السيارة هناك ونزلنا الوادي ، العجيب كنت يومها في وضع يحسد عليه غثيان وتعب غريب ولم استطع المشي إلا بصعوبة بالغة ، رأى ذلك فيّ أحد زملائي ، فقلت له : أنا بخير والحمد لله مجرد إرهاق ، لأنني فعلاً سهرت بشكل غريب على بحث لي حتى الثانية بعد منتصف الليل ، حاولت اخفاء ذلك التعب والارهاق قدر الاستطاعة ، وصلنا بطن الوادي هذا الوادي اسمه وادي ( بيلي) بكسر الباء واللام ، وهو وادٍ كبير تنتشر فيه شجر السدر والخثاء واللثب والمضاض وغيرها من التنوع النباتي ، حصل سيل كبير عام ٢٠٢٤م مما جرف معه الكثير من أشجار السدر أكثر من ثلاثين شجرة ، وهي مهمة جداً لأصحاب النحل فعسل وادي بيلي من أجود الأنواع في هضبة مديرية دوعن ، وصلنا موقع يُقال له فشلة بلقطل ، وهناك توجد شعبة ضربة ، ارتقينا الشعبة بصعوبة كبيرة وخاصة أنا ، وأخيراً وصلنا للمكان المنشود ، اقترح زميل لي بأن أكل بعض التمرات لأنني حسب وصفهم ( اصطبحت) وهو مرض خطير يحصل للشخص عندما لا يأكل فطور صحي بحيث عندما يمشي بالكاد يستطيع رفع قدمه للخطوة التي بعدها وتحصل قشعريرة في بدنه ،وهذا فعلاً ما حصل لي ..المهم الدليل أضاع الموقع لأنه كان مع فريق متخصص جاء من صنعاء قبل ٢٥ سنة ،وكان حينها شاب .

وحاولنا البحث لمدة ساعة كاملة عن موقع المغارة ، وأخيراً وجدها الدليل بعد تعب وبحث صدفة ، حينها لم أتحمل وضعي ، فشعرت بدوار ولكن تمالكت نفسي ، فبدأنا بعمل الغذاء وكان خبز مجمّر على الجمر ، وبعد وجبة الطعام شعرت بنشاط عجيب وحيوية ، فتقدمت إلى المغارة وكنت أول الداخلين لها، ثم تبعني أبوبكر نزل بحبل حيث كان مكان النزول سهل جداً ، ولكن لشدة ظلمة فم المغارة ، احتجنا للحبل من باب الاحتياط ،وحيث رمى البدو اغنامهم الميتة والضباع التي قاموا بتسميمها في المغارة ، كانت المغامرة صعبة في ظل هذه الظروف المحيطة بنا ، ولكن عزمنا الدخول وتحملنا تلك الرائحة الكريهة ، بقي في أعلى المغارة محمد البيض فهو يخشى الأماكن الصعبة.

 

وفي الداخل رأيت مغارة عجيبة فيها اتساع على امتداد كبير، العرض لا يتجاوز الخمسة أمتار ، أما الطول فلا نعلم مداه ، على يدك اليمين وأنت تمشي وجدنا قواعد وسواقط من الترسبات منذ آلاف السنين تشكلت ، هناك قطع متناثرة منها ، قال لي الدليل: هناك فريق من الخبراء جاءوا لأخذ عينات منها لدراسة التاريخ القديم .

كانت المغارة لها امتداد كبير وهناك كهوف جانبية كثيرة وذات موقع سياحي وتاريخي رائع ، كان سقف المغارة على ارتفاع كبير فوق رؤوسنا ، أما المكان فمظلم بشكل مخيف ، كانت الإضاءة أجهزة التلفون ومصباح يدوي ضعيف ، مشينا قرابة كيلو فوجدنا مبنى صغير بحجر متوسط له حسب اعتقادي أكثر من ألف سنة ، طوله في عرضه لا يتجاوز المتر ، ثم صرخ أحد زملائي لقد وجدت كتابة ، اقتربت منها وإذا هي مسجل على جدار المغارة : ألبرت والدكتور عبدالكريم الصباري والدكتور أحمد القطبة والدكتور محمد حزام العوة ، جامعة صنعاء عام ١٩٩٧م .

 

وهناك شخص سجل ذكرياته اسمه أحمد علي باحاج ١٩٧٩م ولما سألت عنه قيل لي كان معلم في مدرسة رأس محل التابعة لأرياف مديرية المكلا ، ربما هم أول من دخل تلك المغارة في رحلة استكشافية في ذلك الوقت، وهو من المذينب بلاد آل باحاج وتوفي في السعودية بعد أن ترك التدريس يرحمه الله.

وبعد التحري والتواصل مع زملائي بصنعاء وإذا بهم خبراء جيلوجيين لا زالوا كلهم أحياء ، فالدكتور ألبرت من جامعة برن بسويسرا ، وتواصلت مع الدكتور أحمد القطبة وامدني بعلومات عن رحلتهم بأنها لدراسة المناخ القديم للقواعد والهوابط ، وجميع هؤلاء مدرسين في كلية العلوم بصنعاء .

وبعد أن سجلنا اسمائينا بجانب هؤلاء الخبراء غادرنا المغارة بعد رحلة دامت تحت الأرض الكيلو ذهاباً ومثلها العودة وقد سألت أحد الدكاترة عن المسافة من فم المغارة وإلى أقصى نقطة وصلنا لها وهي كتابة الأسماء للفريق ونحن قطنا بعدهم عدة أمتار وتقريباً نهاية المغارة وشعرنا بضيق التنفس ، هناك خفاش جاء من فجوة جانبية ربما هناك لها المغارة متسع ولكن إلى هنا كانت رحلتنا ، وعدنا بعد مغامرة جميلة استحقت التدوين ، وبصراحة مغارة تستحق أن تكون عالمية وسياحية مستقبلاً.

لمشاهده الفيديو في اليوتيوب 

اضغط أدناه 

👇👇👇

https://youtu.be/nXv2x6q3-nc?si=5P10ssqk7cLgpfka

 

 

 

 

إستكشاف أجمل مغارة بحضرموت 
إستكشاف أجمل مغارة بحضرموت

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
error: محتوى محمي