ادارة المعلومات

الوداع المؤلم لعلي بن شملان… قامة علمية وإدارية تتوارى لكن أثرها باقي”

بقلم /بشار الطيب

 

 

الموت أو الضيف الأخير الذي يأتي بلا استئذان هو حتمية يمر بها كل إنسان، كما قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (سورة العنكبوت، آية 57). فالموت كأس لا بد لكل فرد من تجرعه، مهما طال به الأمد وعاش سنيناً. إنه هادم اللذات، مفرق الجماعات، ومشتت القرابات، كما قال الله تعالى: {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} (سورة المائدة، آية 106). ولا عجب أن الموت هو الحقيقة التي تواجه البشرية جميعاً بلا قدرة على الهروب منه، كما يقول الله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} (سورة النساء، آية 78).

 

إنها سنة الحياة وقانون الكون أن نفيق أحياناً على أخبار مؤلمة تفطر القلوب وتدمع الأعين بفقدان الأحبة والأصدقاء.

 

في مساء يوم الجمعة الموافق 18/10/2024، تلقيت ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة العالم الجيولوجي علي مبارك بن شملان، الخبير الجيوكيميائي والإداري الناجح، عن عمر يناهز 78 عاماً، تغمده الله بواسع رحمته.

 

كان الفقيد، علي بن شملان -رحمه الله- رجلاً ذا قيم اجتماعية سامية، تميز بأخلاق رفيعة وتواضع جم، وبشاشة لا تتغير مع الجميع، حتى في مناصبه الرفيعة بهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية. تعامل مع الجميع من مهندسين وإداريين بلطف وأدب. وكان مثالاً للقيادي المخلص الذي حفز زملاءه وسعى لحل مشكلاتهم دون تعارض مع الأنظمة والتعليمات. وكما يروي الدكتور إسماعيل الجند، رئيس الهيئة السابق، الذي عمل معه على مدار ستة عشر عاماً، كان الفقيد شخصية قيادية ذات صفات أخلاقية عالية، محباً للخير، ومتفانياً في العمل، اشتركنا في مسيرة بناء هيئة مساحة جيولوجية حديثة وبتعاون كل الكوادر ودعم وتشجيع بعض المسؤولين في الوزارة .

 

وُلد عالمنا الراحل المهندس علي مبارك بن شملان في 13 أكتوبر 1946 في محافظة حضرموت، مديرية دوعن، وادي عمد، في أسرة عريقة تتمتع بقيم العلم والأدب. تلقى جزءاً من تعليمه في مسقط رأسه قبل أن ينتقل إلى الكويت، حيث حصل على الشهادة الثانوية من ثانوية الشويخ (1962-1966) ثم أكمل دراسته في جامعة الكويت، نال منها بكاليوس في العلوم (كيمياء وجيولوجيا) (1966-1970).

 

بدأ مسيرته المهنية في يوليو 1971 كمهندس جيولوجي مع بعثة الأمم المتحدة، حيث تلقى تدريباً عملياً في العمل الجيولوجي الميداني والمكتبي. وفي الفترة من يوليو 1972 إلى يوليو 1973، حصل على دورة تدريبية شاملة في علوم الجيولوجيا في العراق، حيث درس التطبيق العملي للمكتب والمختبرات، وتعلم كيفية توثيق البيانات الحقلية وتحليلها.

 

بين يوليو 1973 ونوفمبر 1975، شغل منصب رئيس الفريق الجيولوجي الذي عمل مع فريق سوفيتي، حيث ساهم في جمع العينات السطحية من مناطق متعددة في المحافظات الجنوبية مثل المهرة وسقطرى وحضرموت.

 

من نوفمبر 1975 إلى فبراير 1978، كان مديراً لمشروع تطوير وادي حجر والرمال الساحلية، الذي نفذته شركة هنتنج للجيولوجيا والجيوفيزياء في محافظة حضرموت. ومن فبراير 1978 إلى أكتوبر 1986، تولى إدارة فرع هيئة الاستكشافات المعدنية في المحافظة، حيث أدار مراحل العمل في وادي ميفعة.

 

خلال هذه الفترة، عمل على تطوير الأعمال السطحية والباطنية، بما في ذلك الحفر وأخذ العينات، وقاد رحلات استطلاعية بين عزان (شبوة) والمكلا. شارك في دورات تدريبية في أوكرانيا وسيبيريا وكندا حول استخدام الكمبيوتر في علوم الجيولوجيا.

 

في الفترة من أكتوبر 1986 حتى 1990، أعد تقريراً عن تمعدنات وادي مدن، وعمل على متابعة أنشطة فرق الجيولوجيين القادمين إلى اليمن. وفي عام 1996، عُيّن بقرار جمهوري نائباً لمدير عام المؤسسة العامة للثروات المعدنية، وفي عام 1999، عُيّن نائباً لرئيس مجلس إدارة هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية التي تعكس إنجازاته.

 

إن رحيل العلامة البارزة في الجيولوجيا، المهندس علي بن شملان، الذي تحلى بالقيم الإنسانية والعلمية، يمثل خسارة كبيرة لوطننا. لقد ترك إرثاً من الأعمال البارزة والمنجزات الوطنية في مجال التعدين. نسأل الله العلي القدير أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته.

 

(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).

 

وقفة: يرحل الجسد، ويبقى الأثر، والذكر الجميل.

 

الوداع المؤلم لعلي بن شملان… قامة علمية وإدارية تتوارى لكن أثرها باقي”

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
error: محتوى محمي