ادارة المعلومات

جبل صبر ملك الجبال الجنوبية….

بقلم /الدكتور محمد عبدالباري القدسي

 

 

تذكرت مع ذكر صبر الجبل أياماً لا تنسى. في العام 1986، كانت رحلاتي الأولية إلى جبل صبر الأشم، تمهيداً للمراحل الأولى الاستطلاعية لبحث الماجستير. في ذلك الوقت تم افتتاح مركز للتصوير حديث في شارع العقبة، تعز، سريع التحميض وزاهي الألوان في الطباعة. فكان إعجابي وحديثي مع جبل صبر تترجمه الصور التي لا حصر لها، والتي حُولت في ما بعد إلى سليدات عديدة كانت زادي التوضيح في المحاضرات. قد لا أبالغ إذا قلت ان عدد الصور كانت هي القصة الجميلة التي كنت أعود بها من جبل صبر في كل رحلة عمل بتعدد لا يمل، ولا يؤبه لتكاليفه ، الممتع ايضا انني كنت أتذكر مع كل صورة المكان والأحجار والأشجار بدقة متناهية، وما أحسب ذلك إلا حباً لجبل صبر وصخوره و تضاريسه الجميلة، ما يزال في قلبي أشياء لصبر وأسرار لم تبح بها الذاكرة، إلا من تقرير كان تعبير شكر للمجالس المحلية التي كانت بشخوصها المحترمون المقدرون للعلم والبحث العلمي.، رئيس اللجنة العليا للمجالس المحلية الشيخ صادق أمين أبوراس، ورؤساء المجالس المحلية في كل من الموادم، مشرعة وحدنان، و المسراخ، الأعزاء ا. صادق الضباب، و ا. عبدالجليل الصلاحي و ا. عبدالله أمير، كانوا نعم المعين في توفير وسيلة المواصلات للعمل الميداني الذي إستمر في المناطق المتعددة وشمل الجهات المختلفة لجبل صبر الأشم. كلمة الشكر كانت هي مفتاح صفحات رسالة الماجستير التي وثقت لما تيسر من جيولوجية وأسرار جبل صبر، وصححت بعض المفاهيم والمسميات لصخور جبل صبر، وما حوله من صخور جرانيتية تفصلها عنه مسافات قريبة مثل جبل الشقب وجبل دانق، ومساحات بعيدة مثل جبل المنعوم في منطقة جبل حبشي، وجبل سامع (الجرانيتي) مما جعلني أطلق على هذه المنظومة الجيولوجية: جبل صبر وتوابعه الجرانيتية (Gabal Saber and its Satellites). جبل صبر اطلق عليه قديما ملك الجبال الجنوبية، وهو كذلك في خواصه السياحية، والصخرية، والمعدنية، وظواهره البنائية الجيولوجية وعلاقة ذلك بما حوله من الفوالق التي تشكل الجمال التضاريسي للمنطقة عموما ولمدينة تعز خصوصا. ويكفي من لطف الله أن هذا الطود العظيم المتعمق في باطن الأرض يحمل على صدره مدينة تعز، ليكون سببا من عناية الله لامتصاص أي هزات زلزالية. وعلى سفوحه الشمالية والغربية والشرقية والجنوبية تتناثر قرى كالجمان على جيد وصدر حسناء، لتزيد جمال الإرتفاع متوجة بأعلى قمة حلت فيها العروس تتويجا لجمال صبر وقاطنيه من كرام القوم وكذلك أشجار وخصوبة تربته وصخوره الاقتصادية الواعدة. جبلٌ مازال في استعداد ليكون الطوابق العليا الجميلة المتدرجة لمدينة تعز الحالمة في الشمال والغرب، ولمناطق المسراخ الفارهة في الجنوب. أما صخوره الجرانيتية فنادرة في المنطقة مع صخور السيانيت الجميلة في سفوح صاله. ويمكن للجيولوجي الحاذق أن يشاهد مخاريط البراكين الرباعية الفلسية من الشرفات العليا للموادم (القاهرة، وما يليها إلى الشمال)، ويلاحظ الصخور البازلتية المتزامنة مع الجرانيت كمظروف ومزلج خارجي في الغرب، ويلاحظ في المناطق الشرقية من الجبل التلاصق بين صخور صبر الجرانيتية وبركانيات اليمن في قرية الحدادين، كما يمكن ان يشاهد جبل الشقب كزهرة جرانيتية تعمم راس البركانيات ويمكن الوصول إليه من العروس عبر نجد العبد. وإذا ما تحول الرائي إلى الأفق الجنوبي لصبر سيرى عن بُعد وادي الملكة الذي مزق العمود الجيولوجي الصخري للمنطقة لتظهر في الأسفل صخور القاعدة، وكان هذا دليلاً على شدة الحركات الأرضية التي سهلت دخول كتلة جبل صبر في فالق مائل شمال- شرق إلتقى مع آخر يختفي تحت مدينة تعز باتجاه شرق غرب، وثلثهما الفالق الموازي لامتداد البحر الأحمر. تلك الفوالق الثلاث سخرها الله قبل 22 مليون سنة لتسهيل رفع جبل صبر الجرانيتي الذي حمل بعض طبقات من بركانيات اليمن فوق رأسه وهو المشاهد اليوم مع فارق الارتفاع الذي كان أكبر من ارتفاعه اليوم بما يوازي ما تحات من هذا الجبل، يظهر كركام صخري بنيت عليه مدينة تعز. جبل صبر يحتاج إلى خطة شاملة (في المستقبل) تجعل منه ومن مدينة تعز آيات في الجمال والروعة. لن اكمل القصة، فلا نهاية لها الليلة، وسيظل في نفسي شيء من جبل صبر ولجبل (صبر)، وهو حلو في كل شيء.

_______________

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
error: محتوى محمي