ادارة المعادن

وقفه مع البحث العلمى والثروة المعدنية بالوطن العربى (1)

الدكتور حسن بخيت

وقفه مع البحث العلمى والثروة المعدنية بالوطن العربى (1)

كلنا نلهث وراء الجديد فى عالم التقنيات والتكنولوجيات الحديثة التى تتسارع خطاها يوما بعد يوم فأصبحث أجهزة المحمول التى كنا نحتفى بها بالامس القريب جثة هامدة فى أغلب منازلنا لاستبدالها بنسخة أحدث وأكثر ذكاءا. وتداهمنا الموديلات الجديدة من السيارات والتليفزيونات والطائرات والسفن ومعدات المصانع والالات المزارع ومصادر الطاقة المتنوعة حتى ادوات االمطبخ والديكور والاثاث الى اخر القائمة التى لا تقف عند حد بل تتنوع وتنشطر انشطارا مستمرا .

وهنا نقف وقفة مع أنفسنا ونتساءل أين نحن من هذا كله ؟ هل نساهم كغيرنا فى صنع هذه الحضارة العظيمة ؟ هل نحن نعطى كما نأخذ ؟ ولن أستطرد حتى لا أطيل عليكم فالكل يعرف أننا شعوب أستهلاكية بالدرجة الاولى وان معظم ما فى أيدينا ماهو الا صناعة أجنبية يابانيه او كورية او المانية او ايطالية او صينية …والقليل القليل ربما يكون ماليزى أو تركى ومن المحزن حتى الصناعات التى لا تحتاج الى تكنولوجيات معقدة للاسف نستوردها …اذن هناك خلل يجب أن نضع أيدينا عليه لخروج من هذا المأزق الذى يكلفنا الكثير من مواردنا للاستيراد ويحرمنا من عوائد التصدير وقبل هذا وبعده سمعتنا وكياننا كوننا دول مستهلكة نظل عالة على غيرنا .

ولكى نصل الى حالة تشخيص لمشاكل البحث العلمى والبحث عن الحلول ويمكننا تحديد اهم عناصر منظومة البحث العلمى وهى :

1- القناعة والرؤية والاستراتجية وما يتبعها من برامج وخطط ثم تحديد اليات التنفيذ.

2- وضع الميزانيات المناسبة .
3- التشريعات الحكمة والهياكل الملائمة والادارة السليمة والارداة السياسية
4- الكوادر المؤهلة والتدريب المستمر والاحتكاك العالمى طبقا لمعايير الجودة والاكواد العالمية
5- المعامل والوحدات التحربية المؤهلة.
6-قواعد المعلومات الشاملة والصحيحة.
7-التعليم
8-البعد الاجتماعى
9- الانفتاح على المحيط العربى والاقليمى والافريقى والدولى .

وعندما نتحدث عن تجارب الدول التى سبقتنا فى المجالات الاخرى لابد ان يكون من المعلوم ان هذه التجربة جزء من منظومة كبيرة تتفاعل وتتكامل فيها جميع الجوانب العلمية والتعليمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفقا لخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد يتم مراجعتها من آن لأخر طبقا للمتغيرات المحيطة التي تتسارع خطاها يوما بعد يوم فقد نجحت هذه الدول في اكتشاف كميات كبيرة من الموارد المعدنية وإنشاء منظومة تأمين متكاملة من هذه الخامات لسد أحتياجات الصناعات المختلفة المخطط لها لضمان النمو المتواصل لها .

كما أن لهذه الدول رؤيتها الثاقبة فى مجال معالجه النفايات والاستفادة القصوى من هذه النفايات واستخراج ما بها من معادن .
وفى مجال التشريعات ألغت القوانين واللوائح الإدارية والأنظمة المعنية المتناقضة مع قواعد منظمة التجارة العالمية وكذلك الاهتمام بقواعد المعلومات وأقامت نظاما مفتوحا لخدمة المعلومات لصالح الاستثمار ..

وعندما نتكلم عن البحث العلمي فهناك العديد من المفاهيم التى يجب ان تستوقفنا ونتمعن فيها لنصل الى رؤية سليمة يمكن أن نسترشد بها فى عالمنا العربى.

فالبحث العلمي ليس ترفا او كماليات أو تقارير تتزين بها هذه وتملئ به أرفف ودواليب هيئاتها العلمية بل هو شريان الحياة الذي يمد مصانع الدول بالابتكارات والجديد في كل المجالات وهو سلاحها للإبقاء على منافستها فى السوق العالمية.

البحث العلمي ليس مختبرات ومعامل مغلقة الأبواب ومكتوب عليها ممنوع الاقتراب بل أشبه بنهر متعدد الروافد يمده بكل احتياجاته فهناك رافد مع معاهد البحوث العالمية للوقوف على الجديد ورافد أخر مع احتياجات السوق المتجددة حتى يستطيعوا تطوير الموجود واختراع الجديد ورافد ثالث مع المؤسسات التعليمية لتطوير المناهج الدراسة لمواكبة المستجدات مما ينعكس ذلك على الخريجين وبالتالي سرعة وسهولة تأهيلهم للعمل بخطوط الإنتاج وهكذا…

نعم نفقات البحث العلمي بالعالم العربي قليلة بالمقارنة بمثيلاتها بالدول المتقدمة ولكن أليس من الظلم ان نتكلم عن نفقات بدون منظومة متكاملة كما أسلفنا ؟! وبدون رؤية استراتجية طويلة الامد لها برامجها وخططها المتعددة واليات تنفيذها……. فزيادة نفقات البحث العلمى ان لم تواكبه ربط البحث بخطوط الإنتاج وبالسوق العالمي والمنافسة الحرة والمناهج الدراسية وغيرها من الركائز الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأخرى تصبح كلمة حق يراد بها خسارة وبمثابة من يملئ قربة مقطوعة بالماء.

هناك مقترحات مشاريع بحثية يتم تقديمها وتقاريرها معدة سلفا لا لشىء الا لحصول على دعم مالى يتم صرفه على مكافات للفريق البحثى …ولا رقيب ولا حسيب…..ومن هذه الظاهرة نستخلص معوقان يقفان حائلا امام التخلص من هذه الظاهرة :
واولهما: المستوى المادى الضعيف او المتوسط الذى يحياه الباحث مما يدفعه للتحايل للحصول على عائد مادى لكى يعيش حياه كريمة …

وثانيها: عدم وجد الرقابة والمعايير العلمية الفعالة التى تستطيع التعرف على هذه المشاريع ومدى الاحتياج اليها وهل سبق ان قدمت من قبل من عدمه وهذا يقودنا الى افتقادنا الى قواعد معلومات علمية متخصصة كل فى مجال لتصبح بمثابة ترمومتر لقياس الجديد من الابحاث فى كافة الجهات العلمية المتخصصة والدرجة التى يحملها هذا البحث من حيث درجة جودته ومدى المامه بموضوع البحث والادوات والتحاليل المستخدمة وافراد الفريق البحثى والمناطق والنطاقات والقطاعات المشمولة بهذا البحث والفريق المحكم لها وغيرها من المعلومات الكفيلة لتنظيم العمل فى هذه المشاريع ومنع التكرار وما يتبعه من استنزاف الموارد والطاقات والاوقات .

وللحديث بقية ان شاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
error: محتوى محمي