ادارة المعادن

الذهب في اليمن …. مورد إقتصادي هام

لقد ساهم قطاع التعدين في اليمن في التنمية الاقتصادية بشكل متواضع جداُ من خلال تغطية نسبة كبيرة من حاجة السوق المحلي من منتجات المعادن والصخور الصناعية والإنشائية كأحجار البناء والزينة، والملح، والجبس، والحجر الجيري وغيرها من المواد اللازمة للبناء والتشييد، غير أن هذا القطاع لم يلعب حتى الآن الدور المطلوب مقارنة مع الإمكانيات الحقيقية التي يمتلكها هذا القطاع.

وفي هذا الملف سيتم تناول معدن الذهب في اليمن من حيث تاريخة التعديني، ومواقع تواجده، بالإضافة إلى موضوع هام يتعلق بالتعدين الحرفي للذهب في اليمن، وما يسببه من مخاطر على الصحة العامة وأضرار بيئية جسيمة …..

تاريخياً اشتهر السبئيون باستغلالهم لمعدن الذهب حتى قيل أنهم كانوا من أغنى الشعوب في المنطقة لكثرة ما في بلادهم من مناجم للذهب، حيث كانت أبواب قصورهم ومعابدهم وجدرانها وسطوحها مزخرفة بالذهب والعاج والفضة والأحجار الكريمة.

للحديث عن الذهب واقتصادياته،،، لابد من فهم بعض المسائل العلمية والاقتصادية .. فالذهب بشكل عام لا يصبح الذهب ذا قيمة اقتصادية إلا اذا امكن استخراجه بشكل مربح ؛ وهذا يعتمد على عدة عوامل من أهمها احتياطي الخام ونسبة تركيز الذهب في الصخر المضيف ، واستخدام تقنيات تعمل على خفض تكاليف الانتاج وتتيح لاستخراج الذهب ذو النسب المنخفضة ، بالإضافة إلى عمق الصخور الحاوية على الذهب وشكل امتدادها، وخصائص التركيب الصخري.

يتركز الذهب كعنصر اقتصادي هام بدرجة تسمح باستخراجه في الوقت الحاضر في مناطق معينة دون سواها على سطح القشرة الارضية تعرف بالاقاليم التعدينية، والتي تغطي أحزمة ومناطق شاسعة مثل حزام الذهب الكندي، وحزام الذهب السايبيري، وحزام الذهب الباسيفيكي، واقليم الذهب في جنوب افريقيا، والذي يعد من أغنى وأشهر اقاليم الذهب في العالم ، بالاضافة إلى اقليم الذهب في صخور الدرع العربي النوبي في السعودية ، واليمن ، ومصر ، والسودان ، واريتريا ، واثيوبيا .

يمكن تحديد اقتصادية مناجم الذهب اعتماداً على درجة تركيز الذهب في الصخور الحاوية لها، واحتياطياته، وأسعاره، ففي العام 2012م قدر متوسط سعر الذهب بنحو 1669 دولار للأونصة الذهب، وبالتالي فإن مناجم الذهب المربحة تصنف من حيث درجة تركيز الذهب على النحو التالي:-

1) المناجم الأرضية (Underground): يكون المنجم الأرضي مربحاً إذا تراوحت درجة تركيز الذهب في الصخور الحاوية بين 8 إلى 10 جرام ذهب في كل طن من الصخور الحاوية له.
2) المناجم السطحية (Open Pit): يكون المنجم السطحي أو ما يسمى بالمنجم المفتوح مربحاً إذا تراوحت درجة تركيز الذهب في الصخور الحاوية بين 1 إلى 4 جرام ذهب في كل طن من الصخور الحاوية له.

كما تصنف مناجم الذهب المربحة من حيث الاحتياطي على النحو التالي:-

1) مناجم صغيرة: عندما يقدر فيها احتياطي الذهب بنحو 250 ألف أونصة (7 طن).
2) مناجم متوسطة: عندما يتراوح فيها احتياطي الذهب بين 250 ألف إلى 1 مليون أونصة (7 إلى 28 طن).
3) مناجم كبيرة: عندما يتراوح فيها احتياطي الذهب بين 1 مليون إلى 3 مليون أونصة (28 إلى 85 طن).
4) مناجم كبيرة جداً: عندما يتراوح فيها احتياطي الذهب أكبر من 3 مليون أونصة (أكبر من 85 طن).

وعلى سبيل المثال تحتوي مناجم اقليم الذهب في صخور الدرع العربي النوبي على الاحتياطيات التالية:-

• منجم مهد الذهب في السعودية: 6 مليون أونصة ذهب (170 طن ذهب).
• منجم بلغة في السعودية: 1 مليون أونصة ذهب (28 طن ذهب).
• منجم السكري في مصر: 8 مليون أونصة (224 طن ذهب).
• منجم حساي في السودان: 2.1 مليون أونصة (59 طن ذهب).
• منجم بيشا في أرتريا: 1 مليون أونصة (28 طن ذهب).
• منجم زارا في أرتريا: 800 ألف أونصة (22 طن ذهب).
• منجم تولو كابي في أثيوبيا: 1.4 مليون أونصة (39 طن ذهب).
في اليمن .. تعتبر مشاريع الاستكشاف في مجال الثروة المعدنية حديثة العهد، وقد انحصر تنفيذها على جهود الدولة بالإضافة إلى بعض المساعدات الفنية من قبل الأمم المتحدة وعدد من الدول الصديقة وعدد من شركات التعدين الأجنبية، والتي من خلالها تم اكتشاف عدد من مواقع تمعدنات الذهب ذات المؤشرات المعدنية المشجعة، يتركز أهمها في صخور الأساس من عصر ما قبل الكامبري التي تعتبر جزء من صخور الدرع العربي، حيث يعطي الوضع الجيولوجي الإقليمي للدرع العربي- النوبي فرصة كبيرة لتواجد رواسب مهمة للذهب في اليمن. بالاضافة إلى اكتشاف مؤشرات جيدة للذهب في صخور بركانيات العصر الثلاثي. ك‍ما تم خلال الفترة الماضية اكتشاف مناجم قديمة للذهب في كل من محافظات الجوف وصعده وشبوه، وهو ما يؤكد وجود كميات اقتصادية من هذا المعدن تحتاج إلى دراسات استكشافية تفصيلية.

أولاً: تمعدنات الذهب في صخور الأساس

تتواجد تمعدنات هامة للذهب في اليمن في صخور الأساس التي يعود عمرها للعصر البريكامبري ضمن الصخور البركانية والرسوبية المتحولة وكذا الصخور الجرانيتية المتداخلة. توجد تمعدنات الذهب في الصخور البركانية والرسوبية المتحولة ضمن عروق الكوارتز أو نطاقات القص، حيث تكونت هذه العروق من تحرر السوائل أثناء عمليتي التحول والتشوه الإقليمي أثناء الحركات التكتونية مثل منطقة مدن في محافظة حضرموت، ومناطق الحارقة، عاهم، كشر، حرض، بعلان، الحريرة وشرس في محافظة حجه، ومناطق الفيض، وادي مروان، وادي العرض في محافظة صعده، بالإضافة إلى مناطق صبرين، اللوذ ووادي الكحيل في محافظة الجوف، ونجد الملاجي في محافظة شبوه.

وتوجد العديد من مواقع الذهب بشكل متناثر (disseminated) وكذلك على هيئة عريقات شبكية (stockwork) في الصخور النارية المتداخلة والمكونة من صخور جرانيتية تشكلت بعد الحركات التكتونية (post-tectonic) مثل مناطق فلحان، وادي عطف ووادي النماصة في محافظة الجوف، وصخور جرانيتية تشكلت أثناء الحرات التكتونية (syn-tectonic) مثل منطقة بحره في محافظة صنعاء. الجدير ذكره أن تمعدنات الذهب في المناطق الشمالية الغربية (صعده وحجه) تتواجد ضمن حزام نبيطة الممتد من وسط المملكة العربية السعودية مروراً بالمناطق الشمالية الغربية من اليمن وحتى الشمال الشرقي من أثيوبيا. وفيما أهم مواقع الذهب ضمن صخور الأساس:

– وادي مدن (حضرموت) أكدت الدراسات الحديثة أن الاحتياطي يقدر بنحو 6,7 مليون طن بدرجة تركيز 1.34 جرام ذهب في كل طن صخور حاوية على الذهب.

– منطقة الحارقة (حجة) التقدير الأولي يشير إلى وجود احتياطي يتراوح بين 20 إلى 60 مليون طن، بمحتوى يتراوح بين 1 حتى 1.65 جم ذهب جرام ذهب في كل طن صخور حاوية على الذهب.

– مناطق أخرى:

عاهم، وادي حرض، بعلان، وادي شرس، وادي الحريرة (حجه). الفيض، وادي مروان، وادي العرض، حيدان، وادي النشور، المحفر (صعده). صبرين، اللوذ، وادي الكحيل، فلحان، وادي عطف رباق، وادي النماصة، والمطمه، الريان (الجوف). نجد الملاجي، شطبه، معجب، إم صره (أبين). بحره، يام، نقيل غيلان (صنعاء).

لم يتم تقدير الاحتياطي في هذه المناطق ولا تزال بحاجه إلى دراسات تفصيلية، غير أن المؤشرات الجيوكيميائية تشير إلى وجود الذهب بنسب جيدة تتراوح بين 1 إلى 18 جرام من الذهب في الطن الواحد من الصخور الحاوية للذهب، وترتفع هذه النسب في عروق الكوارتز التي تنتشر في بعض المناطق بشكل محدود جداً.

ثانياً: تمعدنات الذهب في الصخور البركانية

نفذت العديد من الدراسات الاستكشافية الحديثة في الصخور البركانية التي يعود عمرها للعصر الثلاثي والمكونة للهضبة الغربية لليمن، وقد أدت تلك الدراسات إلى الحصول على نتائج مشجعه للمسوحات الجيوكيميائية الأولية في مناطق تواجد الفوالق وامتدادها، حيث تتواجد تمعدنات للذهب ضمن توضعات بركانية مصحوبة بإنبثاقات صخرية حامضية وفوهات بركانية مثل مناطق شهاره، مناخه وعاثين، وتمعدنات أخرى للذهب ضمن الصخور البركانية المتأثرة بتغيرات حرمائية نتيجة تأثرها بالمياه والأبخرة الحارة مثل مناطق ورقة، عتمه والوازعية. النموذج المتوقع لوجود الذهب في هذه الصخور هو نموذج (epithermal)، وفي ما يلي أهم مناطق تواجد الذهب ضمن الصخور البركانية:-

• عتمه، ورقه، عاثين (ذمار): 0.12 إلى 3.2 جرام ذهب في كل طن من الصخور الحاوية للذهب.
• الوازعية (تعز): 0.6 جرام ذهب في كل طن من الصخور الحاوية للذهب.
• شهاره (عمران): 0.5 جرام ذهب في كل طن من الصخور الحاوية للذهب.
• خولان، مناخه (صنعاء): 0.3 إلى 0.5 جرام ذهب في كل طن من الصخور الحاوية للذهب.
• القفر (إب): 0.5 جرام ذهب في كل طن من الصخور الحاوية للذهب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
error: محتوى محمي