ادارة المعادن

هل يمكن لقطاع التعدين في اليمن أن ينهض بالاقتصاد الوطني ؟؟

الحلقه الأولي..

يعد قطاع التعدين عموماً من أهم القطاعات التي يعول عليها في تنويع مصادر الدخل الوطني وتوفير فرص عمل، حيث أن اليمن لا يزال حديث عهد بالصناعة التعدينية سواءً كانت استخراجية أو تحويلية. وتشير الدراسات التي نفذتها وزارة النفط والمعادن ممثلة بهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية إلى أن قطاع التعدين في اليمن من القطاعات الواعدة بالنظر إلى ما تمتلكه اليمن من تنوع جيولوجي يسمح لتواجد موارد معدنية متنوعة من شأنها الدفع بعجلة التنمية والتخفيف من الفقر والبطالة، وقد تم تأكيد ذلك في تقارير الخبراء والمؤسسات الدولية المختلفة.

لتحقيق ما يسمى بالتنمية المستدامة لا بد من إحداث توافق بين الأنشطة الاقتصادية، والحفاظ على البيئة ومعالجة المشاكل الاجتماعية، والتي تمثل تحدياً كبيراً من تحديات عصرنا الحالي، وتمثل الموارد المعدنية أحد أهم الحلول المقترحة لإحداث تنمية مستدامة تضمن رفاهية أجيال الحاضر، فالصخور والمعادن الصناعية على سبيل المثال تعتبر أساسا للتنمية الصناعية بما توفره من مواد خام أولية لتلك الصناعات من جهة وتوفير فرص عمل عديدة من جهة أخرى.إن واقع الحال يتطلب تعاون وتضافر الجهود للوصول إلى استغلال أمثل للموارد المعدنية خصوصاً وأن الظروف الدولية والإقليمية تشكل تحديا جديداً يتمثل في العولمة والمنافسة الاقتصادية المفتوحة بين بلدان العالم وتشابك المصالح وأهمية جذب الاستثمارات الخارجية، ومن هذا المنطلق تقوم وزارة النفط والمعادن ممثلة بهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية بإجراء المسوحات الجيولوجية والأنشطة الاستكشافية والتقييمية للموارد المعدنية في مختلف محافظات الجمهورية التي تتميز بتنوع جيولوجي مناسب لاستضافة مختلف أنواع الموارد المعدنية.

فوائد قطاع التعدين

تعتبر المعادن من أهم الموارد الطبيعية التي تسهم في التنمية، وتترتب على الأنشطة التعدينية آثار بيئية واجتماعية واقتصادية كبيرة. تسهم الصناعات الاستخراجية في الدول النامية في توفير فرص عمل، والحد من الفقر، والتنمية المحلية، إلا أن الآثار الإيجابية تتوقف على السياسات والتشريعات التعدينية القائمة، أما في حالة غياب تلك السياسات والتشريعات فإن الآثار السلبية هي التي تسود، حيث أن استخدام الطاقة والمياه لأغراض التعدين، والنفايات الناتجة عن ذلك يؤدي إلى الضغط بشكل سريع على النظم البيئية الهشة، وفيما يلي أهم إسهامات قطاع التعدين في التنمية المستدامة:-

• توفير فرص العمل
تقوم شركات التعدين بتوظيف العديد من المهندسين والفنيين والعمال من أبناء المناطق التعدينية، حيث يتم توفير فرص عمل مباشرة، وغير مباشرة ترتبط بنشاط التعدين في مجال خدمات الطرق وخدمات الموانئ والخدمات الاجتماعية المختلفة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل للمقاولين المحليين، الأمر الذي يؤدي إلى التخفيف من البطالة والفقر.

• التأهيل والتدريب
تدريب وتأهيل الموظفين اليمنيين في مشاريع التعدين، حيث تتطلب صناعة التعدين مهارات واسعة تشمل مهارات إدارية ومالية مثل المحاسبين، ومهارات متخصصة مثل الجيولوجيين ومهندسي التعدين وخبراء المعادن والمهندسين المدنيين بالإضافة إلى العمالة الفنية مثل الميكانيكيين والكهربائيين، ومشغلين معدات الحفر الثقيلة والسائقين… إلخ.

• نقل التكنولوجيا وتوطين صناعات جديدة
تعد شركات التعدين الكبيرة المصدر الأساسي لتطوير ونقل تكنولوجيا التعدين الحديثة إلى البلدان النامية، كما أن قيام هذه الشركات بتأهيل وتدريب العمالة المحلية على تلك التقنيات يسهم في تسريع التنمية الفنية والاقتصادية، ويؤدي إلى توطين صناعات جديدة تشكل إضافة هامة للأنشطة الاقتصادية وتسهم في تحسين الظروف المعيشية.

• المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي
تصل العائدات السنوية في قطاع التعدين في بعض الدول إلى مليارات الدولارات مما يساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي.

• تغطية حاجة السوق المحلية من الخامات
يتم تغطية حاجة السوق المحلية من الخامات المعدنية الأولية ومن المنتجات النهائية للصناعات القائمة على تلك الخامات، والتقليل من استيرادها من الخارج وبالتالي توفير العملات الصعبة، بالإضافة إلى الاستفادة من القيمة المضافة نتيجة معالجة الخامات.

• تطوير البنى التحتية وتغيير نمط الحياة الاجتماعية
تعتبر صناعة التعدين من الأهداف الرئيسية في اليمن في إطار سياسة تنويع القاعدة الإنتاجية الوطنية، حيث أن هذه قطاع التعدين يؤدي إلى قيام صناعات تعدينية استخراجية كانت أو تحويلية تسهم في تطوير البنى التحتية في مناطق التعدين وبالتالي تطوير نمط الحياة الاجتماعية فيها، فتصبح مناطق متصلة بالمناطق الأخرى بواسطة وسائل المواصلات والاتصالات والمرافق الاجتماعية الأخرى كالمراكز الصحية، والمدارس، كما أن تشجيع السكان المحليين للقيام بأنشطة التعدين الحرفي، والتي تنفذ بوسائل يدوية يسهم في تطوير مناجم غير اقتصادية الأمر الذي يؤدي إلى قيام صناعات محلية أو رفد الصناعات القائمة بالمواد الخام الأولية وبالتالي تنشيط الفعاليات التجارية والتسويقية، بالإضافة إلى أن التعدين الحرفي سيسهم في تطور المجتمعات المحلية وتعزيز الاستقرار والقضاء على البطالة والتخفيف من الفقر، وكذا تحسين الأوضاع المعيشية خصوصاً وان مثل هذا النشاط يعتمد على العمالة غير الماهرة.

• رفد خزينة الدولة بالعوائد المالية
تعد الرسوم والإتاوات والضرائب المختلفة من العوائد المباشرة لرفد خزينة الدولة، بالإضافة إلى أن تصدير الخامات والمنتجات المعدنية يؤدي إلى تأمين تدفقات نقدية منتظمة من العملات الأجنبية، أما العوائد الغير مباشرة فتتمثل في حدوث تأثير اقتصادي واجتماعي متضاعف يمكن أن يفوق التكلفة الرأسمالية للمشروع بثلاث مرات، حيث تتطلب مشاريع التعدين إنفاق أموال طائلة خلال مراحله المختلفة نظراً للتعقيدات الجيولوجية وتعقيدات طرق التنقيب.

ولمعرفة أهمية قطاع التعدين في رفد الاقتصاد الوطني بالعوائد المالية نورد أمثلة من عدد من الدول، فعلى سبيل المثال لا الحصر ذكرت تقرير المساحة الجيولوجية الأمريكية أن قيمة الإنتاج المعادن الفلزية والمعادن والصخور الصناعية في العام 2013 تقدر بنحو 232 مليار دولار كإضافة إيجابية إلى الاقتصاد الأمريكي، ووصل عدد العمالة إلى نحو 2.1 مليون شخص، وفيما يلي ملخص لكل نوع من المعادن علي حدة:
المعادن الفلزية 31.9 مليار دولار
الفحم الحجري 39.8 مليار دولار
المعادن والصخور الصناعية والإنشائية 31.3 مليار دولار.
الركام (الكري) 11 مليار دولار

ولتوضيح عائدات الولايات المتحدة الامريكية من قطاع التعدين على مستوى الولايات، فإن ولاية نيفادا لوحدها تساهم بنحو 9 مليار دولار من قيمة المعادن والصخور الصناعية.
وإذا ما سلطنا الضوء على أحجار البناء والزينة على سبيل المثال لا الحصر، فإننا نجد أن عائدات تصدير هذه الموارد في بعض الدول على النحو التالي:-

الصين 3 مليار دولار (خلال العام 2010م)
تركيا 2.2 مليار دولار (خلال العام 2013م)
الصين 2 مليار دولار (خلال العام 2013م)

الجدير ذكره أن قطاع غزة بدولة فلسطين المحتلة قد حققت عائداً جيداً يقدر بنحو 250 مليون دولار من قيمة انتاج نوع واحد من أحجار البناء، على الرغم من الاحتلال الغاشم، والحصار الكبير لهم، وأنهم لا ينتجون سوى نوع واحد من أحجار البناء.

مع العلم أن اليمن تمتلك تنوع كبير من أحجار البناء والزينة واحتياطيات ضخمة:

– الجرانيت والجابرو 2.7 مليار متر مكعب.
– الرخام 180 مليون متر مكعب.
– الحجر الجيري 5.2 مليار متر مكعب.
– الترافرتين 2.5 مليون متر مكعب.
– الجرانيت والجابرو 343 مليون متر مكعب.
– البازلت 142 مليون متر مكعب.

إذن اليمن يمتلك تنوع كبير وكميات اقتصادية من أحجار البناء والزينة تؤهلها للصدارة على مستوى العالم من حيث الانتاج والتصدير، غير أن هذا القطاع لا يزال يعاني من معوقات عديدة جعلته غير قادر على المساهمة في النهوض بالاقتصاد الوطني، والتي سوف نناقشها في الحلقات القادمة بإذن الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
error: محتوى محمي