ادارة المعلومات

البراكين في اليمن

إعداد :- د. محمد علي متاش

الــــــــبراكين
اعداد :- د. محمد علي متاش
يكمن الدافع الأساسي في كتابة هذه المقالة المتواضعة إلى مجموعة من العوامل ومنها أعطاء القارئ الكريم نبذة مختصرة ومبسطة حول النشاط البركاني بالأضافه إلى الإجابة على العديد من التساؤلات الهامة والتي تدور في أذهان الكثيرين ويأتي في مقدمتها هل هناك نشاطات بركانية تدعو إلى الخوف والهلع ؟ وهل سكان محافظة عدن على وجه التحديد في مأمن من مخاطر الأنفجارات البركانية لاسيما وأن مدينة عدن (كريتر ) تقع في فوهة بركان وفي هذا المجال أسلط بعض الأضواء على الصخور البركانية في اليمن بالإضافة إلى نبذة عامة عن تعريف البركان و تقسيم البراكين وتصنيفها،الانفجار البركاني وأسبابه،البراكين الناشئة تحت الماء مخاطر النشاط البركاني على الحياة الإنسانية والبيئية بالإضافة إلى ما يجنيه الإنسان من فوائد جراء النشاط البركاني .
*البراكين في اليمن
تعرف الانفلاقات على أنها منخفضات نشأت بفعل التهشم الكامل لسماكة المنطقة الصخرية تحت تأثير قوى التمدد لأجزاء الصفائح.وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنفلاقات شرق إفريقيا ومنطقة عنا في أثيوبيا ثم خليج عدن ماراً باتجاه شمال الغرب عبر البحر الأحمر حينها ينعطف باتجاه شمال الشرق ليخترق الجزء الشرقي من شرق أفريقيا (إثيوبيا) والصفيحة العربية لوجدنا أن جميعها تميزت بانشقاقات قارية عظيمة .
ونظام الانفلاق الأفريقي –العربي يعتبر أوسع نظام قاري نشط في العالم ويمتد من شرق إفريقيا ومنطقة عفار في أثيوبيا ثم خليج عدن ماراً باتجاه شمال الغرب عبر البحر الأحمر حينها ينعطف باتجاه شمال الشرق ليخترق البحر الميت إلى وادي الأردن ثم يمر في البحر الأبيض المتوسط شرق قبرص ويلتقي أخيراُ مع تركيبة جبال زاجروس (Zagros).
ونظام الانكسارات هو نظام تحولي أما خليج عدن فقد تكون فيه حوض محيط مصغر وفي أثيوبيا فأن القشرة القارية ضئيلة السماكة مما يوحي إلى استمرار الانفلاق الذي سيؤدي حتماً وعبر أحقاب جيولوجية قادمة إلى نشؤ وتطور قاع محيط يكون امتداداً لقاع المحيط في خليج عدن عبر منطقة عفار.
وفي إطار فهم نظرية انفصال الصفائح فان خليج عدن هو الأقدم في التكوين وبدأ انفلاقه من الشرق باتجاه الغرب وتلي ذلك انفلاق البحر الأحمر بدأ بجنوبه وانتهاء بشماله وكل هذا ناتج بالطبع عن الحركات النسبية لأفريقيا وتحديداً الدرع النوبي والصومال وشبة جزيرة سيناء من جانب والصفيحة العربية و التي تدور بعكس اتجاه عقارب الساعة من جانب آخر.
والصخور البركانية في أطار الصفيحة العربية تقع في غرب الجزيرة العربية وتمتد على مسافة طولها 3000كم من اليمن عبر السعودية، الأردن، سوريا. وتكون هذه الصخور مجتمعة أحد أوسع النطاقات البركانية القلوية في العالم مغطيه مساحة تعادل ثلث مساحة اليمن . ومن الناحية الجغرافية لم تكن اليمن في موقعها الحإلى إذ أنها كانت رابضة في أواخر حقب الاوليجوسين late Oligocene على منطقة عفا رفي أثيوبيا . والأحجام الواسعة من الصخور الطفحية البركانية هي نتائج لاحق لعدة عمليات جوفية في باطن الأرض Endogenic Process أدت تكوين الامتداد القاري من خلال انفلاق خليج عدن والبحر الأحمر في الجزء الغربي لليمن حيث تتكون تضاريس المرتفعات والتي يبلغ أعلى ارتفاع فيها 3666 فوق سطح البحر وهي أعلى قمة في اليمن (جبل النبي شعيب) وتحتل هذه الصخور مساحة وقدرها 50000كم مربع أي حوإلى 10% من المساحة الإجمإلية للجمهورية إليمنية وما يعادل 28%من المساحة الكلية للصخور البركانية في الصفيحة العربية.

وبالإمكان تقسيم الصخور البركانية إلى مجموعتين :
*المجموعة الأولي: تضم الصخور البركانية التي تكونت من أواخر حقب الأولجوسين (late Oligocene)إلى بداية حقب الميوسين (early Miocene)بمعني آخر من فتره 31مليون عام وحتى 16مليون عام وتتكون هذه المجموعة من وحدات بركانية سميكة ممثلة بسريان الحمم والسدود والقواطع …..الخ وصخور البازلت القاعدية هي أقدم هذه الأنواع كما أن الحمم المتوسطة التركيب موجودة ولكنها ذات انتشار وسماكة محدودين . أما الصخور الحمضية فهي مكونة من حمم الريوليت والبير وكلاستيك محتوية أحجام مهمة من الاجنبرات ذات الألوان المختلفة بالإضافة إلى الرماد البركاني والزجاج الريوليتي .
والصخور الحمضية هذه تكون من الناحية الإستراتيجية الجزء العلوي لصخور هذه المجموعة ومن ناحية أخري فان التصدعات التي ترتبط بهذه الصخور لها اتجاه أساسي هو شمال/شمال غرب / جنوب جنوب شرق (E NNW/SS)أي موازية تقريباً للاتجاه الرئيسي لانفلاق البحر الأحمر.
*أما المجموعة الثانية : فهي التي نشأت في الفترة من نهاية حقب الميوسين (late Miocene) وحتى العصر الراهن . وتتكون أساساً من صخور بازلتية مع تفارقات الصخور الحمضية ولكنها أقل أهمية من حيث الحجم والانتشار و تتميز صخور هذه المجموعة بالتركيب التطابقي للحمم البركانية وكذلك بالأشكال المخروطية والقباب والصفائح بالإضافة إلى الحمم السريانية . والتصدعات الملحوظة والمرتبطة الواقعة على السهل الساحلي لخليج عدن فأن أتجاهها الأساسي هو شرق –شمال شرق /غرب – جنوب غرب (ENE/WSW) ويأتي تقريباً متوازياً مع اتجاه خليج عدن واستناداً إلى الفروق الواضحة في هيئة التركيب و العمر المطلق والتركيب الكيميائي لهذه المجموعة فأنة بالإمكان تقسيمها إلى مجموعتين:
المجموعة الأولي وتحوي البراكين الواقعة ما بين جزيرة بريم وعدن وهي نسبياً أقدم وقد تكونت خلال الفترة الزمنية من 10مليون عام وحتى 5مليون عام .
أما المجموعة الثانية: فهي تلك الواقعة شرق عدن وتتضمن شقرة – بئر على –عتق وغيرها كما يضاف إلى هذه المجموعة الحقول البركانية الداخلية وهي صرواح – مأرب –صنعاء-عمران-ذمار – رداع (جبل أسبيل وجبل اللسي وما بينهما ) وهذه المجموعة هي نسبياً أحدث ونشأت في ما بين 5مليون عام وحتى وقتنا الحاضر والمساحة التي تغطيها الحقول البركانية لهذه المجموعة فهي على النحو التالى :

من أجل معرفة الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى نشؤ النشاط البركاني فلا بد أن أستعرض بعض التعاريف والمصطلحات الهامة كالآتي :
*نطاقات الأرض
الكرة الأرضية مكونة من ثلاث نطاقات رئيسية وهي نواة الأرض (core) حجاب الأرض (mantle) والقشرة الأرضية (crust).

نواة الأرض تنقسم إلى قسمين داخلي وخارجي مع وجود منطقة انتقإلية بينهما وتبدأ نواة الأرض من عمق 2000 كم ونواة الأرض الداخلية توجد في حالة صلبة بحكم أن الموجات المجردة (s-waves) تبدأ بالانتشار بداخلها ويبلغ نصف قطر النواة الداخلية حوإلى 1300 كم تقريباً وفي الجانب الأخر فأن النواة الخارجية توجد في حالة سائلة كثيفة بحكم انتشار الموجات الأنضغاطية (p-waves) منها فقط . كما أن المجال المغناطيسي ينشأ في نواة الأرض .
أما حجاب الأرض (mantle) فهو منطقة من الأرض تقع تحت القشرة وفوق النواة وهو مقسم إلى قسمين الحجاب العلوي والحجاب السفلي مع وجود منطقة انتقإلية بينهما .
وأخيرا ًيلي ذلك القشرة الأرضية وهي الطبقة الخارجية من الأرض وتعرف طبقاً لمقاييس مختلفة تحوي السرعة الزلزالية . الكثافة والتركيب وهي مكونة من مجموعتين رئيسيتين من الصخور:
المجموعة الأولي وهي : تلك الطبقة العليا من القشرة الأرضية ومكونة من صخور غنية بالسيليكا (SiO2) والألو مينا Al2O3 وتعتبر المصدر لنشأة الصخور الجرانيتية.
أما المجموعة الثانية : فهي الطبقة السفلي من القشرة الأرضية ومكونة من صخور غنية بالسليكا (SiO2ٍٍٍ) والماغنيسيا (MgO) وتعادل في تركيبها قشرة المحيطات والجزء الأسفل من القشرة القارية اليابسة .
و القشرة الأرضية تمثل نسبة أقل من 0.1% من أجمإلى حجم الأرض و تشكل سماكة ضئيلة جداً مقارنة مع نصف قطر الأرض البالغ حوإلى 6378 كم.
الصفائح القارية و المحيطية :
والصفائح الأرضية بدأت في الحركة قبل 200مليون عام حيث كانت اليابسة مكونة من كتلة قارية ضخمة متماسكة تسمى البانجيا (Pangea) وبسبب الحركة السنوية البطيئة للصفائح و التي تقدر بسنتيمترات معدودة . تجزأت هذه الصفيحة تدريجياً إلى قطع ابتعدت عن بعضها البعض ونتج عنها ست قارات معروفه في وقتنا الراهن.
وهناك فروقات ما بين الصفائح المحيطة والقارية فمعدل سماكة القشرة القارية يصل إلى 40-35 كم ولكنها متغيرة فتصل إلى عدة كيلو مترات تحت مناطق ألأنفلاقات (rift-zones) كما هو الحال في القشرة الممتدة بين أثيوبيا وكينيا بينما تبلغ السماكة إلى حد 80 كم تحت أحزمة الجبال الناشئة حديثاً ومن الأمثلة على ذلك هضبة التبت وجبال الهملايا الواقعه ما بين المنطقة الممتدة من النيبال وحتى الصين وفي المقابل فأن الصفيحة المحيطية تحافظ على سماكة ثابتة نسبياً تعادل حوإلى 7كم ولكن هناك تزايد في السماكة باتجاه حافة المحيط.
والتطبق في القشرة القارية غير محدد بدقة ومتغير كثيراً وهذا ما يعكس تعقيد التاريخ الجيولوجي وعلى النقيض فالتطبق في القشرة المحيطة محدد بثلاث طبقات مميزة وموجودة في كل الصفائح المحيطة .
أما العمر الجيولوجي للقشرة القارية فيعود إلى حوإلى أربعة مليار سنة وهذا أقدم صخر أكتشف حتى الآن . بينما لا توجد قشرة محيطية أقدم من 200 مليون سنة ويتزايد عمر الصفيحة تدريجياً كلما ابتعدنا عن خاصرة المحيط باتجاه حوافه الخارجية. والقشرة القارية تعرضت لحركات تكتونيه متعددة منها ألانثناءات و التصدعات والطي نظراً لسماكتها والقشرة القارية لا يحدث فيها من النشاط البركاني إلا القليل جداً ،ولعل أهم مواقع للنشاط البركاني هي أحزمة جبال الأنديز . أما في قشرة المحيط فأن مثل هذا النشاط أكبر بكثير وخاصة المحيطات وأقواس الجزر وهي أنشط المناطق البركانية.
وتبدو القشرة ألارضية وكأنها كتلة صلبة وحيدة ولكن في واقع الأمر فأن الصفائح الضخمة سابحة فوق حجاب الأرض وتكون ما يسمى بالصفائح التكتونية والصخور في الجزء العلوي من ضباب الأرض في حالة ساخنة وتقترب من الانصهار. و من الممكن أن يتكون الصهير في أي جزء من الأرض حينما تصبح درجة الحرارة عإليه بمقدار كاف تصهر فيه الصخور. ولا تنصهر جميع الصخور في نفس درجة الحرارة فبلأضافة إلى ذلك هناك عدة عوامل أخرى تؤثر على درجة الانصهار . وعندما يتكون الصخر المنصهر يكون أخف وزناً من الصخور الصلبة المجاورة، والغازات المذابة تجعل الصهير أكثر خفه.
و يصعد الصهير نتيجة تعرضه للضغط الشديد من الصخور المحيطيه. ويساعد حركة الصهير إلى أعلى قابليته للحركة وقوة التمدد ومقدرة انتشار الغازات المذابة ألتي يحويها . والمواد التي توجد في صوره حركية دائمة نسميها صهير (magma) ويقوم الضغط السائد في حجاب الأرض بدفع الصهير باتجاه سطح الأرض وتندفع الحمم البركانية عندما يجد الصهير طريقاً من خلال الشقوق و التكسرات في القشرة الأرضية و غالباً ما يحدث في حواف الصفائح الأرضية كما هو الحال في الأمريكيتين .
* البراكين في العالم :
تعريف البراكين
البراكين هي تكسرات وشقوق وتجاويف على سطح الأرض وألتي من خلالها يتسرب الصهير وتقذف المواد الصلبة وتتصاعد الغازات و الأبخرة . يعتبر انفجار البركان أحد المظاهر المرعبة و المخيفة وذو قوة طبيعية تدميرية ولكنة في الوقت نفسه يشكل منظر طبيعي خلاب أكان ذلك أثناء عنفوان ثورته أو حتى بعد خموده نظراً لان الأشكال البنائية للبراكين من مخروطات وقباب و تراص حمم فوق بعضها البعض تصبح مناظر طبيعية و ملفتة للنظر. و بركان فوجي( (Fuji في إليابان ذو منظر رائع كما وأن السر الحقيقي لجمال مدينة عدن وعدن الصغرى تعكسه السلسلة الجبلية البركانية المترامية في أطراف البحر على طول الساحل . وتسمية البركان مشتقة من كلمة (volcanus) إله النار لدي قدماء الرومان .
أنواع البراكين :
وتنحصر البراكين الحديثة في ثلاثة أنواع هي كالتالى:
1-البركان النشط هو ذلك الذي يتفجر من وقت إلى آخر وهناك حوإلى 5%من البراكين النشطة في العالم تنفجر سنوياً وبركان نيفا دو دل رويز nevado (Delruiz) في كولومبيا و استرومبولي (Stromboli) في البحر المتوسط جنوب إيطإليا خير مثال على ذلك .
2-البراكين النائمة أو الناعسة وهي التي تغفل أوقات طويلة و لكنها و دون سابق إنذار تبدأ نشاطها وفي مطلع القرن الثامن عشر تفجر بركان فوجي (Fuji) في إليابان وطفح بركان ماونت وينير (mount rainier) في الولايات المتحدة الأمريكية قبل حوإلى مائة عام و لا يعلم أحد متى سينفجر مجدداً فالعلم عند الله.
3-البركان الخامد أو الخامل وهو الذي مضي على نشاطه الآف السنين وبركان ماونت أجريمونت (mount egremont) في نيوز يلاندا، وكلمنجارو (Kilimanjaro) في تنزانيا أمثلة دالة على ذلك وبالمقابل وعلى النقيض من ذلك فان بعض البراكين الخامدة قد تثور فجأة كما فعلها بركان جزيرة تريستان دا كونها (Tristan da cunha) في العام 1961م في جنوب المحيط الأطلسي وبركان هلجافيل (Helgafell) في أيسلندة في عام 1973م.
ويمكننا في هذا الاتجاه تصنيف البراكين الأحدث في اليمن من حيث العمر والتكوين في أطار البراكين الخامدة نظراً لأنها قد مرت فترة زمنية طويلة على ثورانها فعلى سبيل المثال براكين الشريط الساحلي لخليج عدن ومنها خرز (Kharaz) والخط الواصل بين منطقة عمران وعدن Amran-Aden line volcanoes فقد مضى على نشاطها بضعة ملايين من السنين. ولعل أحدث نشاط لبركان شقرة (Shuqrah) قد تم قبل حوالى 260ألف عام . وهكذا الحال بالنسبة للحقول البركانية في منطقة همدان شمال غرب صنعاء ومنطقة صرواح – مأرب و حتى منطقة ذمار- رداع فكلها من الناحية النظرية تعتبر خاملة.
وإذا ما اجتهدنا في هذا الجانب ووضعنا بعين الأعتبار العوامل التي تؤدي إلى حدوث نشاط بركاني لوجدنا بأن الحركة النسبية للصفيحة العربية بعكس عقارب الساعة وكذا المؤشرات الدالة على أتساع النواة المحيطية في البحر الأحمر هي ذات دلالة على احتمال قيام أي نشاط بركاني في المستقبل لكن ذلك مرتبط أرتباط عضوي بمقدار الحركة التكتونيه في البحر الأحمر وعلى مدى يتناسب وفاعلية العمليات الباطنية (endogenic processes) ومن وجهة نظري الشخصية فأن منطقة ذمار وما حولها ربما توحي للجيولوجي بأنها مرشحة لنشاط بركاني مستقبلي أكثر من غيرها وذلك لأسباب عديدة أذكر منها ما يلي :
أولاً:
لأنها تأثرت بحركات أرضية عمودية شديدة نتج عنها ارتفاع وأنخفاض وحدات قشرية متطاولة أو كتل محاطة بتصدعات في جوانبها الطويلة وهذه التراكيب حساسة أكثر من غيرها للحركات الأرضية الناجمة عن أستمرار حركة الصفائح في البحر الأحمر وحركة الصفيحة العربية .
ثانياً:
نشؤ جبل أسبيل (Isbil) وجبل اللسي (Al-Lisi) وعلى وجه الخصوص بشكله ألقببي وتركيبة الريوليتي ولزوجته العالية دليل قاطع على أن الصهير تكون في حجره أقرب ما تكون إلى السطح من غيرها وهذا ناتج عن ألصهير الجزئي لصخور القشرة الأرضية العلوية ذات التركيب الحمضي بمعني آخر أن هذا إيحاء لوجود إنسياب حراري غير عادي يجعل من هذه المنطقة موقع نشاط متوقع.
ثالثاً:
وجود بعض الترسبات الكبريتية بالأضافه إلى المياه الحارة من جانب وتعرض هذه المنطقة للزلازل من جانب آخر يعد بحد ذاته مؤشراً على ما أوردته آنفاً . لكن حدوث أي نشاط بركاني ليس مرهون بفترة زمنية قصيرة إذ أنة قد يمتد من بضعة سنوات إلى أزمنة جيولوجية إلا أن إتخاذ الحيطة و الحذر تجنباً لأي أخطار أمر لا مفر منة.

-النشاط البركاني يخفض الضغط الذي يسببه وجود الغازات تحت سطح الأرض. أما قوة وشدة انفجار البركان فتعتمد على نوع الصهير وعلى كمية الغازات التي يحويها الصهير. وعلى هذا فأن الانفجار يكون ضعيفاً في حالة ابتعاد الصفائح عن بعضها وحين انقسامها إلى أثنين لان الصهير المناسب يكون سائلا ً والغازات المحصورة بداخله لديها وقت كافي للتحرر والابتعاد. والانفجار شديداً في الوقت الذي تتصادم فيه صفائح القشرة الأرضية لان الصهير الناشئ يكون كثيفا و متلاصقاً مما يمكنه من إغلاق الغازات.
وقد يؤدي الانفجار في هذه الحالة إلى ارتفاع المواد المتفجرة إلى علو شاهق وتتحرر على آثر الانفجار الغازات مصحوبة بالبخار وسحب من الغبار. هذا بالإضافة إلى حمم حمراء ملتهبة تقذف وتنساب من فوهة البركان بحيث تصل سرعتها في بعض الحالات إلى بضع مئات من الأمتار في الدقيقة الواحدة و يتناسب استمرار سريان الحمم من داخل البركان تناسباً طردياً مع تواجد الضغط الكافي الذي يعمل على دفعها إلى السطح.
وكما ورد آنفاً فانه نظراً للسماكة الضئيلة التي تتميز بها صفائح المحيطات مقارنة مع صفائح القارات فان معظم البراكين توجد في أعماق المحيطات لان الصهير ينفذ من خلالها، لاسيما خلال خطوط التكسر (التصدعات ) المتكونة عند حواف الصفائح.
مثل حواف الصفائح هذه تمتد وسط المحيط الأطلسي وحيث أن الصفائح المحيطة تبتعد عن بعضها البعض فأن الصهير المقذوف يصل إلى الشقوق ويتصلب مكوناً حزام قشرة جديد وعلى هذا الأساس فأن المحيط الأطلسي يتسع باستمرار. ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال بأن الأرض تتمدد لأنة أذا تكونت قشرة جديدة في مكان ما فأنة وفي مكان آخر تختفي القشرة القديمة والمترامية في أطراف المحيط وبحكم أن سماكة القشرة القديمة أكبر نسبياً من سماكة القشرة المتكونة حديثاً في خاصرة المحيط فأنة يحدث نقصاً في مادة القشرة الأرضية محيطية كانت أو قارية. ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم”أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها “.
وفي المحيط الهادي يتواجد أكثر من نصف براكين العالم وتحديداً في المنطقة المسماة حزام البركان.
الإنسان و أخطار البراكين:
لم يفهم الإنسان قديماً لماذا يتفجر الجبل فجاءه ويخرج منه جحيماً ملتهباً .لقد كانت البراكين ذات تأثير تدميري أكثر مما هي علية في وقتنا الراهن نظراً لأنة حينذاك لم يتمكن الإنسان أن يتتبع الأخطار القادمة من المؤشرات الأولية لثوران البراكين ولكن في عصرنا الراهن ومع تطور العلوم فأن الطاقة البركانية ومشاهدها الدائمة تعطي شرحاً لتاريخ الأرض وتفتح الإمكانية لأجراء البحث عن حجاب الأرض مما يساعد على أخذ الحيطة والحذر وتجنب أي أخطار تدميريه قد تسببها البراكين ومن الجدير بالأشاره إليه في هذا الصدد فأن مشاهدات السكان وآراؤهم ليست كافية في أي حال من الأحوال.
يشترط في هذا المجال أن يكون الجيولوجيون والجيوفيزيائيون المختصين هم المعنيون بالأمر بالإضافة إلى أهمية تواجد الأجهزة الخاصة المتعلقة بدراسة نشاط البركان ومتابعة المؤشرات الأولية بشكل علمي. وفي هذا المضمار فقد تم رصد نشاط العديد من البراكين قبل ثورانها وذلك من خلال دراسة أنواع الغازات ونسبها المختلفة والمنبعثة من فوهة البركان وكذا الصدمات الأرضية الناجمة عن تصاعد الصهير. وهناك أيضاً شبكة كمبيوتر مسخرة لهذا الغرض والهد ف منها المتابعة الدقيقة لتصاعد الصهير والتنبؤ الدقيق نسبياً بانفجار البركان وطفح الحمم البركانية للحيلولة دون وقوع الكارثة ولعل أهم كارثة بركانية مشهورة هي التي حدثت من جراء انفجار بركان فزوف (Vesuvius) جنوب ايطاليا في القرن الأول من التاريخ الميلادي.
فقد تصرف هذا البركان بهدؤ خلال قرون من الزمن وعلى الرغم من حدوث الزلازل المتكررة فلم يأبه السكان لذلك نظراً لتعودهم عليها ولم يعيروا المسألة إهتماماً كبيراً ولم يبالوا بحكم عدم بروز المؤشرات الأولية لثورات البركان. إلا أنه مالم يكن في الحسبان فقد هز انفجاراً مفاجئاً قمة البركان وانصب على إثر ذلك الرماد البركاني الحار على إحدى المدن المحيطة بالبركان (مدينة بومبيي) ودفن ورائه أكثر من عشرين ألفاً من السكان.
ومن الأحداث المعروفة في تاريخ البراكين فان أصخب وأعنف انفجار تم في نهاية القرن التاسع عشر حيث انفجر بركان كر اكاتو في جزيرة اندونوسيه غير آهلة بالسكان واقعة بين جزيرة سومطره وجاوه وبركان كر اكاتو هو بركان قديم ولم ينشط لمدة قرنين من الزمان ونظراً لانغلاق فوهة البركان بسدادة من الحمم المتحجرة فقد تزايد الضغط تحته وحلت اللحظة التي أخرج فيها البركان أثقاله.
وكان تفجر البركان من الشدة والقوة بحيث فتت الجزيرة إلى قطع وكان بالإمكان سماع هذا الانفجار في استرإليا التي تبعد مسافة 5000 كم من موقع الانفجارات وتطايرت القطع المتناثرة إلى ارتفاع قدر بأكثر من 50كم.
وغطت سحب الرماد البركاني السماء فوق الجزيرة المناطق المحيطة بها كما تلى الانفجار فيضان ارتفعت فيه الأمواج إلى علو 35 متراً مما أدي إلى جرف أكثر من 150 قرية واقعة في الجزر المحيطة وتسبب ذلك في موت أكثر من 30000 شخص . بما في ولاية واشنطن الأمريكية وتحديداً في العام 1980م أنفجر بركان سانت هيلين ودمر انفجاره المروع الجبل وفتته إلى قطع متناثرة واعتلي في الهواء رماد بركاني وسحب من الغبار لازالت متطايرة في الغلاف الجوي حتى يومنا هذا وقد أعطي الجيولوجيون تقديرات أكدت أن البركان قابل للانفجار في أي لحظة وكان لتأثير الزلزال دوراً في أضعاف ثبات المخروط البركاني مما أدي إلى حدوث انزلاق أرضي أعتبر من الانزلاقات التاريخية الفضيعة.
وعلى آثر انسياب الحمم النارية وانبعاث الغازات الساخنة والرماد فقد 63 شخصاً حياتهم . ألا أن الأكثر إثارة إن غابات بكاملها مسحت من سطح الأرض وفي دائرة يزيد نصف قطرها عن 13 كم أنتهي أي أثر لأي مظاهر حيوية .
وفي قرية باريكوتيب المكسيكية فقد دمرت الحمم البركانية الملتهبة مدينة بكاملها.

*النشاط البركاني أثرة على البيئة :
إن البراكين النشطة تعمل على تغيير البيئة وذلك من خلال تصلب الصهير المندفع و تكون صخور بركانية مختلفة اللون والخصائص والتركيب الكيميائي.
وثوران البراكين لايؤثر على حياة الناس فحسب ولكن على المظاهر الإنسانية والبيئة عموماً.
فانفجار البراكين كما ورد أعلاه يصدر عنة غازات عديدة وأبخرة وأهمها ثاني أكسيد الكربون (CO2) وثاني أكسيد الكبريت (SO2) وكله في الغلاف الجوي وغاز ثاني أكسيد الكربون يحفظ الأرض دافئة وفيما مضي ساعد على حفظ توازن الغازات في الغلاف الجوي ولكن مع الأسف فأن هذا التوازن قد أنحل في وقتنا الحاضر لاسيما وأن مواد الاحتراق المتعددة (فحم حجري، بترول ، غاز) ، وكذا الغازات التي تنفثها مصانع الدول الصناعية الكبرى على وجه التحديد كلها تعمل وتساعد على تحرير كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون على وجه الخصوص مما يؤدي إلى ازدياد مستمر لهذا الغاز إلى ارتفاع معدل درجة الحرارة للأرض . أما الغازات مجتمعة فتعمل على تلويث البيئة وتغير من صيغة تركيب الغلاف الجوي فعلى سبيل المثال فأن غاز الفر وين (فلورو- كلورو- كربون ) والمستخدم في المكيفات الهوائية يعمل على اضمحلال طبقة الأوزون والتي تحمينا من أشعة الشمس فوق البنفسجية الخطرة على جميع الكائنات الحية.
أما غاز ثاني أكسيد الكبريت فيقود باستمرار إلى استمرار تكون وهطول الأمطار الحمضية إذ أن حمض الكبريتيك المخفف ينشأ من اختلاط ثاني أكسيد الكبريت مع البخار الموجود في الهواء وينزل بشكل مطر أو ثلج أو حتى بصورة غبار والأمطار الحمضية تضر بالنباتات وتلوث المياه وكذلك تصدي تركيبة المعادن وتسمم معدات المياه الصالحة للشرب و ينجم عن هذه الأضرار خسارة تبلغ مليارات الدولارات سنوياُ .
*فوائد البراكين :
وعلى النقيض من الأضرار والأخطار الناجمة عن النشاط البركاني فأن للبراكين فوائد متعددة. والناس لا يتراجعون عن فكرة العيش بالقرب من البراكين من أجل الانتفاع بالتربة الخصبة المستخدمة في أغراض الإنتاج الزراعي. وأنشأت لهذا الغرض كثيراً من المدن والقرى سواء بالقرب من البراكين أو على سفوح الجبال البركانية . ففي الهند يزرعون القمح وفي اندونوسيا يزرع الأرز على التربة البركانية وفي جبل أتنا في ايطإليا تزدهر زراعة البرتقال والليمون وفي المجر كمنطقة توكاي تزرع أجود أنواع العنب . أما في اليمن فندرك جميعاً أن التربة في المناطق البركانية هي الأخصب ومنطقة اب و ما حولها تقطع الشك بإليقين. يضاف إلى ذلك فأن جزء كبير من سهل تهامة الخصيب والشريط الزراعي على طول وادي تبن الأخضر كلها نتاج تفتت الصخور البركانية.
ومن جانب آخر فأن مناطق البراكين تعتبر مصادر مهمة للطاقة الحرارية التي نحصل عليها من باطن الأرض. إن كمية الحرارة المحفوظة في الجزء العلوي للقشرة الأرضية تعادل مئات ألاف أضعاف القيمة الحرارية لاحتياطيات النفط والغاز والفحم الحجري.
وفي الوقت الحاضر فأن كثيراً من مفاعلات الطاقة الحرارية أنشأت في بعض الدول ومنها اليابان ، ايزلندا و نيوزلندا وتعمل هذه المفاعلات في أماكن تواجد تجمع المياه تحت سطح الأرض.
والطاقة الحرارية تعتبر المصدر البديل والنقي نسبياً بالمقارنة مع طاقة الوقود التقليدي في حال نضوبه ونفاذه .
بالإضافة إلى كل ما ورد فأن الكثير من المعادن المهمة تكون مرافقة للنشاط البركاني ومن أهمها تمعدنات الحديد، الزنك ، الرصاص ، الموليبدين ، الاتتيمون ، الارزين ،الفضة والذهب وغيرها . وفي كثير من الحالات كانت ذات جدوى اقتصاديه أستثمرها ولازال يستثمرها الإنسان. وفي اليمن تصاحب الصخور البركانية العديد من التمعدنات لعل أهمها تمعدنات الفلورايت ،الذهب وبعض تمعدنات العناصر النادرة وغيرها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
error: محتوى محمي